بواسطة : أحمد السر | التاريخ: 27 يوليو 2025
السودان، بلد غني بالموارد الطبيعية، لم يستغل بعد الإمكانات الكبيرة لمصادر الطاقة المتجددة ولم يواكب التحول العالمي نحو حلول الطاقة المستدامة بشكل كامل. ومع ذلك، وفي ظل قلة الاهتمام من الحكومة والمؤسسات التعليمية، برزت جمعية مهندسي الطاقة (AEE) وفروعها الطلابية الثلاثة في السودان كنقاط أمل. يستعرض هذا المقال الدور المحتمل للجمعية في السودان ويبرز أهمية تعليم الطاقة المتجددة في سد الفجوة بين السودان والتحول العالمي في قطاع الطاقة.
جمعية مهندسي الطاقة هي جمعية مهنية دولية تهدف إلى تعزيز كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. توفر الجمعية، من خلال شبكة محترفين متنوعة، موارد قيّمة، وشهادات، وبرامج تدريبية في مختلف تخصصات الطاقة.
تتوافق رسالة الجمعية بشكل تام مع الحاجة الملحة للسودان للانتقال إلى مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة. ويضم السودان ثلاثة فروع طلابية بارزة للجمعية، وهي جامعة الزعيم الأزهري، وجامعة أم درمان الإسلامية، وجامعة الخرطوم. تلعب هذه الفروع دورًا حيويًا في تعزيز الوعي والمعرفة والمهارات العملية المتعلقة بتقنيات الطاقة المتجددة بين الطلاب والمهتمين بمجال الطاقة.
رغم وفرة موارد السودان من الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الكهرومائية، إلا أن البلاد كانت بطيئة في تبني الطاقة المتجددة. يعتمد السودان بشكل كبير على التوليد الحراري، مما أدى إلى تدهور بيئي، وانعدام الأمن الطاقي، و محدودية الوصول إلى الكهرباء في المناطق الريفية. ومع ذلك، ومع الزخم العالمي نحو الطاقة المتجددة، يمتلك السودان فرصة للاستفادة من موارده الطبيعية وتحويل مشهد الطاقة فيه.
يمكن لجمعية مهندسي الطاقة (AEE)، من خلال فروعها الطلابية في السودان، أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التعليم حول الطاقة المتجددة وزيادة الوعي بالممارسات المستدامة في مجال الطاقة. عبر التعاون مع المؤسسات التعليمية، وخبراء الصناعة، والوكالات الحكومية، يمكن لـ AEE المساهمة في سد الفجوة بين المشهد الطاقي الحالي في السودان والتحول العالمي للطاقة.
من التحديات الرئيسية التي تعيق تبني الطاقة المتجددة في السودان هو نقص برامج التعليم والتدريب الشاملة. معظم الجامعات في السودان لا تضم الطاقة المتجددة كجزء بارز من مناهجها الدراسية. ومع ذلك، يمكن لـ AEE، من خلال فروعها الطلابية، ملء هذا الفراغ من خلال تقديم ورش عمل، وندوات، وبرامج شهادات في تقنيات الطاقة المتجددة. هذه المبادرات تمكن الطلاب من اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لدفع عملية التحول الطاقي في البلاد.
تساهم أنشطة مثل أسبوع الطاقة المتجددة الذي تنظمه فرقة الطلاب في جامعة الزعيم الأزهري، ومشروع المدارس المتجددة الذي تنفذه فرقة جامعة الخرطوم، بدور هام في تعزيز التعليم في مجال الطاقة المتجددة. إذ لا تقتصر هذه الفعاليات على طلاب الجامعة فقط، بل تستهدف المجتمع السوداني ككل، حيث تهدف إلى أن تكون متاحة لجميع الطلاب والمهتمين.
يمكن لـ AEE أيضًا أن تكون صوتًا قويًا للدفاع عن الطاقة المتجددة في السودان. من خلال الانخراط الفعال مع صانعي السياسات، والوكالات الحكومية، وأصحاب المصلحة في الصناعة، تستطيع الجمعية رفع مستوى الوعي بفوائد مصادر الطاقة المتجددة، والدعوة إلى سياسات داعمة، وتشجيع الاستثمار في القطاع. ومن خلال خبرتها الجماعية وشبكتها العالمية، يمكن لـ AEE أن تسهم في صياغة سياسات الطاقة في السودان ودفع التحول نحو مستقبل أكثر استدامة.
لتحقيق أقصى تأثير لها، ينبغي لجمعية مهندسي الطاقة (AEE) أن تسعى إلى إقامة شراكات تعاونية مع الجامعات السودانية ومراكز البحوث والشركات العاملة في مجال الطاقة. من خلال تعزيز تبادل المعرفة، وتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة، وتوفير فرص التدريب العملي، يمكن لهذه الشراكات أن تُسهم في نقل التكنولوجيا، وبناء القدرات المحلية، وتعزيز الابتكار في قطاع الطاقة المتجددة. كما أن هذه التعاونات يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للتمويل والاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء البلاد.
السودان يقف اليوم عند مفترق طرق حاسم في مسار تطوره الطاقوي. فمع امتلاكه لموارد طاقة متجددة وفيرة، وحاجته الملحة إلى حلول مستدامة، يمتلك السودان إمكانات هائلة تؤهله لأن يكون رائدًا إقليميًا في الانتقال نحو الطاقة النظيفة. يمكن لجمعية مهندسي الطاقة، من خلال فروعها الطلابية، أن تلعب دورًا كبيرًا في هذا التحول من خلال تقديم التعليم في مجال الطاقة المتجددة، والدعوة للتغيير، وبناء شراكات فعالة. ومن خلال تبني الطاقة المتجددة والاستفادة من خبرات منظمات مثل AEE، يستطيع السودان أن يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة لشعبه وكوكب الأرض.
أحمد السر هو متخصص سوداني في التواصل والدعوة، يمتلك خبرة في سرد القصص الإنسانية واستراتيجيات الإعلام. وهو مؤسس منصة Waats-Up، التي تهدف إلى تعزيز الطاقة المتجددة في السودان وأفريقيا. عمل أحمد مع عدة منظمات دولية وساهم في الوصول إلى آلاف الأشخاص من خلال حملات إعلامية مؤثرة ومجتمعية.